غيّر حياتك في 30 يوماً – الحلقة الأولى "د/ ابراهيم الفقي"
غيّر حياتك في 30 يوماً – الحلقة الأولى "د/ ابراهيم الفقي"
(نرى مالانريد, ونريد مالانرى, فنفقد قيمة مانرى, ونضيع في سراب مالانرى,
كن حريصاً ألا تفقد قيمة ماترى)
هل هنالك شيء في حياتك الآن لاتريده؟
وهل هنالك شيء لا يوجد في حياتك الآن ولكنك تريده؟
أحمد مهندس ناجح عمره 42 سنة يعمل في شركة بترول عالمية بمرتب كبير متزوج
منذ عشر سنوات من ابنة عمه خديجة وعندهم ثلاثة أبناء.
من الخارج تبدو حياته رائعة – من وجهة نظر ومقياس أي إنسان آخر- فعنده الزوجة والأبناء والوظيفة والمال,
ولكن من الداخل كان أحمد كثير الشجار مع خديجة, وكان دائم الشكوى بأنّه يعيش في
تعاسة ويشعر بالوحدة ويصاب بالإحباط أكثر من مرة في خلال اليوم.
كانت شكواه الأساسية أنّه لا يحب زوجته الحب الذي كان يتمناه ولا يشعر
تجاهها برغبة أو لهفة وأنّه مختلف تماماً عنها في كل شيء, وأنّها لا تنمي نفسها
ولا تهتم بمظهرها ولا ببيتها, وأنّها سطحية جداً ولا يوجد عندها أية هوايات أو
اهتمامات من أي نوع, فهي لا تقرأ ولا تحب القراءة ولا تشاركه اهتماماته الشخصية
مثل مشاهدة البرامج الرياضية والمشي, فكان يشعر بنقص شديد وبحياة روتينية بلا
معنى, لذلك كان يقضي أوقاتاً طويلة في عمله أو عند والدته ومع أصدقائه... المهم أن
يقضي وقته بعيداً عن خديجة.
وأصبح تركيزه عليها سلبياً للغاية, ويزداد سلبية كل يوم فتزداد تعاسته
وبعده عنها, وعندما كان يعود إلى بيته في ساعة متأخرة كان يتشاجر مع خديجة لأتفه
الأسباب! وكان أحمد يرى في الآخرين ماكان
يتمنى أن يراه في حياته ومع زوجته, ويتمنى لو أنّه تزوج من امرأة أخرى فكان
مستعداً للتغيير, ولكنه لم يعرف كيف يفعل ذلك حتى قابل سامية وهي سكرتيرة تعمل معه
في نفس الشركة التي كان يعمل بها, وكانت
جميلة ومثقفة وذكية وتهتم بنفسها وبمظهرها, وشعر أحمد أنّه منجذب إليها فكان يقضي
معها أوقاتاً كثيرة يتحدث إليها عن مختلف الأشياء, فكان الوقت معها يمر بسرعة لم
يعرفها مع زوجته.
كان أحمد يقارن بين زوجته وبين سامية, وكانت المقارنة دائماً في صالح
سامية, فقرر أن يرتبط بها وبالفعل فاتحها بالموضوع ووجد منها قبولاً وبدأت العلاقة
بينهما.
تعلق بها أحمد وبعد كل البعد عن بيته حتى اكتشفت زوجته علاقته مع سامية
فطلبت منه الطلاق, هنا شعر أحمد بارتياح ووجد في طلب الزوجة طريق الخلاص فطلقها
فعلاً, وأخبر سامية بالخبر وأنّه على استعداد أن يتقدم لخطبتها من والدها, فكانت
المفاجأة عندما قالت له سامية إنّ والدها وافق على زواجها من شاب مثقف ومن عائلة
تناسب عائلتها ووافقت سامية على الزواج. أصيب أحمد بحالة عميقة من الذهول أدت به
إلى إصابته بصداع رهيب وباكتئاب حاد! وبدأت رحلته مع العلاج النفسي والمستشفيات
والعقاقير الطبية.
هنا فكر أحمد في نفسه أنّ زواجه من خديجة كان سعيداً وأنّ خديجة كانت امرأة
مثقفة وخريجة جامعية, وكانت تحبه حباً كبيراً فتركت كل شيء من أجله ومن أجل تربية
أولادهما الثلاثة, ولكنّه لم يرى ذلك فيها وكان يركز فقط على سلبياتها حتى ألغى
تماماً كل الإيجابيات التي كانت خديجة تتحلى بها.
لم يكن راضياً بقيمة ماعنده وكان يركز على القيمة الموجودة في الآخرين
ويرجو أن تكون عنده, فأهمل ماعنده وجرى وراء سراب ليس عنده, فكان عقابه تعاسة
ووحدة! فكر أحمد في نفسه وقرر أن يتصل بزوجته السابقة خديجة ويطلب منها أن تسامحه
وتعود إليه, وبالفعل اتصل بها ولكنّه وجد مفاجأة أخرى لم يكن يتوقعها على الإطلاق
وهي أنّ خديجة تزوجت من شخص آخر, بكى أحمد بحرقة وهو يفكر في نفسه, كان عندي في
حياتي قيمة كبيرة لم أعرف مقدارها حتى فقدتها وذهبت أبحث عن شيء أريده ولكنني لم
أعرفه فكانت النتيجة ضياع الاثنتين.
والآن دعني أسألك:
هل تنتمي إلى هذه القصة؟
هل تعرف شخصاً ما مرّ بنفس هذه التجربة في حياته الزوجية؟
أو تعرف شخصاً آخر مرّ بنفس هذه التجربة ولكن في حياته المهنية لم يكن
راضياً عن عمله مع أنّه كان عملاً جيداً فتركه وعمل في مكان آخر, ولكن بعد فترة
وجيزة فقد عمله لسبب ما فضاع منه الاثنان؟
أو تعرف شخصاً آخر ترك بلده لكي يعمل في الخارج وفشل ولم يصبر فعاد إلى
بلده بعد أن ضاع منه كل ماكان يملك؟
أو طالباً في كلية ماتركها بعد أن وصل إلى السنة الثالثة لكي يلتحق بكلية
أخرى فلم يستطع الدراسة بها من السنة الأولى فضاعت منه الاثنتان؟
أنا شخصياً أعرف سيدة تركت أحلامها وأهدافها من أجل حياتها الزوجية وابنها
وابنتها, وعندما بلغ أولادها سن المراهقة قررت تكملة دراساتها العليا حتى حصلت على
درجة الدكتوراه, فركزت على حياتها العملية حتى وصلت إلى مركز مدير عام إحدى
الشركات العالمية, وفي يوم اتصل بها زوجها في العمل وأخبرها أنّ ابنها الكبير الذي
كان يبلغ من العمر ستة عشر عاماً قد أصيب إصابات بالغة في حادث سيارة, وأنّه في
المستشفى في حالة خطيرة, فتركت الاجتماع والأوراق وخرجت مسرعة وهي تبكي حتى وصلت
إلى المستشفى وكانت الصاعقة بأنّ ابنها قد مات متأثراً بجراحه ولم تصدق ماسمعت
ورأت, وسألت الدكتور الجراح عما حدث حقيقة, فأجاب بأنّ ابنها كان مدمناً وكان يقود
السيارة بسرعة شديدة وهو تحت تأثير المخدرات, فلم يلاحظ أنّه كان يقود في الطريق
العكسي فاصطدم بناقلة كبيرة. جلست الأم تبكي وهي تقول تركت أولادي من أجل نجاح آخر
فضاع مني ابني الوحيد ولم أعد أعرف ابنتي والآن لم أعد أجد أي طعم لعملي, فأين أنا
الآن وماذا فعلت بأولادي؟ لقد ضاع مني كل شيء.
الحقيقة أنّ الحياة مليئة بمثل هذه الأمثلة التي ترجع جذورها إلى كلمتين
فقط وهنا: عدم الرضا!
ولكن هل معنى ذلك أن يرضى الإنسان بأي شيء مهما كانت الظروف؟
أن يرضى بعلاقة سيئة لأبعد الحدود؟ أو بوظيفة لاتعطيك حقك أو تقدر قدراتك؟
أو بصداقة تجعل حياتك سلسلة من التحديات وضياع الفرص؟ أو بدراسة لا تعطيك
الحماس والأمل في الحياة؟ أو باستثمار لا تجد فيه إلا الخسارة والأحاسيس السلبية؟
أو بشريك في العمل يسبب للشركة مشاكل مادية ولا يعطي عمله حقه؟
طبعاً لا, ولكن يجب عليك أولاً أن تفعل كل ماتستطيع فعله لكي تحقق السعادة
بما عندك وترضى بما أعطاه الله سبحانه وتعالى لك, فلو كانت علاقة زوجية سيئة عليك
أن تفعل كل ماتستطيع أن تفعله بطريقة إيجابية حتى تجد التغير الذي تريده في حياتك
بشرط ألا تقع في مطب المقارنة بين زوجتك وبين امرأة أخرى أو زوجة رجل آخر حتى لا
تلغي ماعندها من إيجابيات وتقع في آلام الأحاسيس السلبية والضغوط النفسية وتضيع في
خيال وسراب مالاتملكه. ولو قررت الخروج من هذه العلاقة كن حريصاً وأميناً وصادقاً
مع نفسك ومع الشخص الآخر واجعل الخروج إيجابياً ولا تترك وراءك مايجعلك تندم عليه
فيما بعد أو يؤثر على حياتك في المستقبل.
ونفس الشيء في حالة وظيفة لا تحبها بسبب أو بآخر, فافعل كل ماتستطيع فعله
من مجهود لكي تتأقلم مع عملك, ولو وجدت أنّك فعلت كل ماتستطيع فعله بحق وأمانة
فابدأ في البحث عن التغيير ولكن بشرط أن تترك عملك بطريقة إيجابية تترك أثراً
طيباً في نفوس الجميع..
فمن يدري, أليس من المحتمل أن تحتاج إليهم مرة أخرى في المستقبل؟
لذلك, كن حريصاً من تركيزك على الأشخاص أو الأشياء, وتذكر أنّ العقل البشري
يبنى على آخر تركيز, فلو وجدت نفسك تركز على شخص ما أو شيء ما بطريقة سلبية فاذهب
فيما وراء هذا التركيز وتذكر كل شيء إيجابي عنه حتى تستطيع التقييم بطريقة متوازنة
تساعدك على اتخاذ القرارات الصائبة.
كن حريصاً ألا تفقد قيمة ماترى فتضيع في سراب مالاترى.
وتذكر قول الله سبحانه وتعالى:
(وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم)
وعش كل لحظة وكأنّها آخر لحظة في حياتك, عش بحبك لله – سبحانه وتعالى – وبالتطبع بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم
عش بالكفاح والعلم, عش بالفعل والالتزام, عش بالصبر والمرونة, وعش بالحب,
وقدّر قيمة الحياة.
0 التعليقات